الأربعاء، 17 ديسمبر 2008

عندما " يلسع" البنى أدم ...

من بضع أيام , ضبطت نفسى أتحدث مع ذبابة , كنت أتحدث معها بالانجليزية , وأطالبها بالرحيل عن الصالة و الخروج من الشباك قبل اتخاذ الاجراءات القانونية . كثيرا ما يوجه لى الاتهام ب "اللسعان " , ليس "لسعان " بمعنى أننى أسير أتحدث مع نفسى فى الشارع - مع أنى أعرف أناس وقورين جدا يفعلونها - , و لا أعلم أسباب تكون هذا الانطباع , و لا أكترث له كثيرا , بل أسعد به . مرة قالت لى زميلة " كنت أظنك علمى رياضة " : لماذا؟؟ : أصلك "'طقة" - مرادف أخر للسعة - , و الناس " الطقة " بتبقى علمى رياضة.
قد يكون السبب القدر المبالغ فيه من الحيوية و التحمس الذى أبديه تجاه أى شىء جديد , مثلا تقول لى صديقة : ح نتطلع القمر بكرة , توقع أن أرد : خلاص بييس , بس الساعة الكام ؟؟ . طبعا لا يتم الأمر بهذا الشكل , لكن عندما كنت أصغر قليلا كنت اذا أعددت مكرونة دون أن أحرقها أو أن تلتصق فى قاع "الحلة" , تجدنى أفكر فى مستقبلى مع المكرونة و عن الصيحات الجديدة التى سأبتكرها , و أننى ممكن أن أعد خلطة جديدة مثل تلك التى أعدها رجل كنتاكى فى أمريكا للدجاج . ربما تكون الأفكار الجنونية التى تتملكنى أحيانا هى السبب, و أنا فى الثانوية وضعت وضعت خطة لاختطاف والد صديقتى و الذى كان متزمت قليلا مما يفسد علينا بعض خطط يوم الخميس , و الخطة بالمناسبة لازالت قائمة و لكن يلزمها اثنين من الصعيد من مطاردى الجبل "بالبنادج " , فاذا كنت لك أصدقاء من مطاردى الجبل , أرجو الاتصال بنا و سيكون لك "الحلاوة " - ان شاء الله - , كذلك كنت أحل المشكلات الأخرى , فاقتحام مكتب مدرسين اللغة العربية كان الحل الأمثل لالغاء الامتحان , و كنت أوزع المهام على أفراد العصابة المنفذة - ابتداء من ركل الباب بأرجلنا حتى اجبار " ميس ايمان" على خلع البووت "الروز" لأن شكله كان مستفز جدا .
طبعا توقع أن شرود الذهن له دوره و ان كنت لا أشرد بذهنى كثيرا - بالمناسبة المدونون كلهم فى ملكوته - بالتأكيد تحدث معك أحيانا عندما تكون فى منتصف حديثك مع أحدهم و لكن ما يدور برأسك لا يكون له علاقة بالمناقشة , و عندما يصل الأمر لذروته معى أتوقف عن الكلام تماما و أنهمك فى التفكير , و أعتذر للطرف الأخر قائلة : معلش أصلى "بقطع" حبه , فمثلا تأمل المشهد الأتى - مقتبس عن قصة حقيقية - المشهد الأول: أجلس فى حصة الاقتصاد, المدرس يتوعد قائلا : اللى مش ح يذاكر الكلام المكتوب فى الملزمة بتاعتى مش ح ينجح (فى هذا الوقت , عينى على زاوية الحائط , و بالكاد أكتم ضحكتى ) المشهد برأسى :مدرس الاقتصاد يرتدى زى راقصة باليه لونه وردى و يتحرك بخطوات رشيقة فى أرجاء الصالة المشهد الثانى : مدرس الاقتصاد لا يزال يؤكد على أهمية الملزمة ( عندها تتملكنى نوبة ضحك ) المشهد برأسى : رأس مدرس الاقتصاد تنفجر و يثبت جسمه مكانه على الكرسى , انتفض أنا و صديقاتى مذعورات , و أسألهن : ح ننظف كل ده ازاى ؟؟ . و لكنى أكتشفت مؤخرا أننى لست الوحيدة لكل منا المنطقة التى "يلسع" من خلالها , (و اذا كان لأحدكم تصور عن أصل التسمية , اتمنى أن ينور المحكمة عن ماهية يلسع - لسعان ), و اذا انتبهت قليلا لسلوكيات و تصرفات من حولك , ستجد أن النتيجة متقاربة , فمثلا : جارتى تقول لى امس و هى تلتهم تفاحة بنهم : الله , بحب التفاح أوى , تصدقى لو كان ربنا خلقنى تفاحة ..... كان ممكن أكل نفسى و أيضا أخى حكيم الحى و ما جاوره من من مناطق و المهووس ب" هارى بوتر " : بتعملى ايه ؟ : بتصفح الجزء الجديد من هارى بوتر : هاتى هنا , أنت مجنونة و لا ايه ؟ : ليه ؟ : أنتى عندك دور برد , بعدين تعديه ( ثم جذب الكتاب منى و خبأه ) أما خالتى فى التليفون : قوليلى بقى ايه نقدك البناء ؟ أرد عليها بعد احساس زائف بالأهمية : فى ايه ؟؟ : لبس خطيبة ابن خالتك ! و صديقة لى : الولد اللى هناك ده مش عاوز ينزل عينه من عليا , (هو و لا معبرها) أسأل فى بلاهة : ليه يعنى ؟؟ هى باستنكار : ليه ؟؟! أنت مش شايفة , أنا حاطه لونين "أيشادو " فوق عينى النهاردة . بالتأكيد لا أنا ولا غيرى نعطى كل هذه الانطباعات -و الا لكانت مشروعات المستشفيات النفسية مربحة جدا- , الأمر كله لا يتعدى مواقف دقيقة متراكمة قد نلاحظها أو لا نلاحظها , و لكن الأهم من كل هذا أن يكون كل ما يصدر عنا حقيقى و صادق , كلما كنت على طبيعتك أكثر , كلما أعتبرك الأخر " لاسع" أكثر ......

السبت، 13 ديسمبر 2008

ابن عبد الحميد الترزى

كتاب يستحق فعلا قراءته من تأليف السيناريست " عمر طاهر " , يرصد ظواهر دقيقة و طريفة جدا فى السينما المصرية فى 100 سنة من خلال تقسيم كتابه الى فصول يحمل الفصل الأول عنوان : كيف تعرف أنك تشاهد فيلم ما قبل الثورة ؟ و أخر : كيف تعرف أنك تشاهد فيلم ما بين النكسة و العبور ؟ و أيضا : كيف تعرف أنك تشاهد فيلما دينيا ؟ و و فصل أخر : أفضل 100 جملة سينمائية يمكن كتابتها على مؤخرة الميكروباصات و التك تك . عمر طاهر لم يثبت فقط أنه "دودة أفلام " , أى انه لم يترك فيلم الا و شاهده عدة مرات , الا أنه أيضا نجح فى الربط بين تغير الأوضاع السياسية و الاجتماعية بالسينما كفن و صناعة أيضا . اخترت لكم بعض المقتطفات من فصل أعجبنى جدا بعنوان
" كيف تعرف أنك تشاهد فيلم ما قبل الثورة "؟ *مفردات الفترة يسهل تمييزها .... يحمل الرجل لقبا من اثنين (سى محمد أو محمد أفندى ) أما الباشا فمن النادر أن تعرف له اسما سوى (سعادة الباشا ) , أداة النداء المفضلة (يا حضرت ... و هى المرادف لأأداة النداء يا باشمهندس فى الألفية الجديدة ) , التعبير عن الشكر ب ( ممنون ...و هى مرادف لكلمة قشطة حاليا ) التعبير عن الملل ب ( مش بزيادة و هى المرادف لكلمة فكك حاليا ), و هناك ( أنا بحق نفسى .. التى أصبحت فيما بعد أنا أستاهل ضرب الجزم ) . * يتخلل الحوار بتلقائية شديدة كلمات بالفصحى ربما بسبب تأثرهم بالروايات التى كانوا يقدومنها على المسرح أو ربما بسبب الرصانة التى كانت مميزة للفترة , ستسمع كلمات مثل ( من المؤكد , بلا شك , أصبحتم عبيد شهواتكم , أنا أمقتها ) أو كما قال " يوسف وهبى " لأسمهان فى غرام و انتقام و هو يشرح لها كيف قتل شقيقها ( و فى وسط كلامى معاه يبدو أن فوهة المسدس قد انطلق منها رصاصة أودت بحياته فى الحال ) *أهم ما يميز سيارات الفترة خلل ما فى زوايا السيارة حيث لا يتوقف البطل عن تدوير الدريكسون يمينا و يسارا حتى تستمر السيارة فى خط مستقيم ,الطريف أن البطل يحافظ على استقرار عجلة القيادة بين يديه فى حالة واحدة ( اذا كان مخمورا ) , و جدير بالذكر أنك لن تجد فى أفلام الفترة بطلا يقود سيارته بيد واحدة , و بالرغم من أن السيارات الأتوماتيكية ظهرت بعد ذلك بخمسين سنة فانك لن ترى بطلا واحدا فى أيا من افلام الفترة ( بيدى عربيته غيار ) . * هناك دائما علاقة عميقة بين الحارة و بطل الفيلم , لا بد أن يبدأ الفيلم و البطل خارجا من منزله ( غالبا رايح يجيب النتيجة بتاعته ), الحارة كلها تعرف الموضوع و كلها تتمنى له الخير و يمر البطل بكاركتارات الحارة (واحد واحد ) لتعرف كم هو محبوب و كيف أن الجميع يشهد أن مالوش مثال و يتمنى له النجاح البقال و الحلاق و الجزار و العجلاتى و صاحب المقهى و المجذوب , فى الوقت الذى يستغفل فيه البطل الحارة كلها ( و عامل علاقة مع بنت الجيران ). *لا يوجد وجود حقيقى لفكرة مهندس الديكور فى أفلام الفترة , هناك فقط منسق مناظر , و لقد كانت (مناظر ) بالفعل , غلب الشكل المسرحى على ديكورات الأفلام ( كانت الكاميرا تنتقل من الصالون الى غرفة النوم دون قطع عبر حائط وهمى ), كانت المناظر مجرد قطع من الأثاث تعطيك الايحاء المطلوب دون أى افراط فى النفاصيل , أما النوافذ فقد كانت تطل على خلفيات مرسومة , كان الأمر لا يستحق أكثر من هذا , من جهة كانت مواقع الأحداث ثابتة (شقة البطل , و فصر الباشا و الكباريه و الحارة ) و البساطة هى السمة المميزة للفترة كلها , لكنك ستسطيع أن تميز بعض الاكسسوارات , مثل التليفون المنزلى الذى كانت سماعته أكبر من وجه البطلة ( لاحظ أن الخادم كان دائما يحضر التليفون للباشا دون السلك الطويل الذى يربط العدة بفيشة التليون ... حدث هذا فى أفلامنا قبل ظهور المحمول بعشرات السنين) *فى أفلام الفترة يندر الأتى ( الحديث عن الخيانة و التصوير داخل المساجد و وجود سكرتيرة حسناء أو طالبات جامعيات أو ممثلات يرتدين المايوه ) , و يقبل البطل بطلته بأن يضع خده على خدها و ينظران الى الكاميرا و هما مغمضى الأعين و لا مجال لهذه القبلة الخجول قبل التترات . *فى أفلام هذه الفترة يلتحق البطل بالكلية التى يحلم بها دون أى حديث عن المجموع أو مكتب التنسيق أو الدروس الخصوصية , يلتحق بالجهادية فيتخرج أميرالاى فى سلاح الفرسان أو بمدرسة الحقوق ليعمل فى الحقانية أو بالمهندسخانة ليعمل فى كوبانية المية أو يكتفى بالتوجيهية فيلتحق بالميرى , و يحاول الجميع طوال الوقت التأكيد على نعمة الفقر و يتخلصون من خاتم سليمان بسهولة و يعودون للحارة بعد أن كاد الميراث الكبير ان يفسد أخلاقهم , أما الأصدقاء فيدعون بعضهم فى نهاية السهرة ب " مساء الخير " * كان المجتمع متدينا رغم ندرة المشاهد التى يصل فيها البطل ( كان يترك هذه المنهمة لأمه غالبا) و كان التدين نابع من ضمير متيقظ دائما ( يمكنك معرفة ذلك من كمية المنحرفين الذيين عادوا الى صوابهم و اقروا بخطأهم قبل نزول التترات ) * كان العنف بعيد عن أجواء المحتمع نادرا ما تلقت بطلة صفعة على وجههاا و كانت المشاجرات فى نهاية الفيلم أقرب لمشاجرات الأطفال أمام باب المدرسة ( خد دى فى بطنك ) , و كان الاختراع الوحيد الذى شهدته الفترة هو التلغراف . *كان فتى أحلام الفترة "حسين صدقى" رغم ضخامة جسمه , و "عماد حمدى" رغم شاربه , و "أنور وجدى" رغم كمية الفازلين الهائلة التى كان يستخدمها لتثبيت شعره , و كان من أردء أنواع الفازلين حيث كان يخذله فى أقرب انفعال و يترك شعره منكوشا , و كانت البطلة رحيمة بطفل الخطيئة (قبل ظهور فكرة أطفال الشوارع ) حيث كانت تتركه أمام باب المسجد ( حيث رحمه الله ) أو أمام باب الملجأ ( حيث رحمة المجتمع ) و فى كل الأحوال كان الطفل يعود لأمه بنهاية الفيلم , كانت الأفراح تقام فى البيوت ( يفضل لو كان قصرا بسلالم داخلية لتصوير مشهد الزفة بالعوالم ) , و كانت الصداقة بين الأولاد و البنات حكرا على الطبقة الراقية , و كانت الطبقة الراقية من أصحاب الأطيان لا من أصحاب البيزنس . لا أعتبر هذا الفصل من الأكثر طرافة و لكن أهمهم و يوقفنا أمام مقارنة لا بد منها . اذا أردت تحميل الكتاب فالرابط على يمينك .

الخميس، 4 ديسمبر 2008

ما بين " البيرل " و نظيرتها " بيرى"

الاعلان الأول ( تليفزيونى )
تمر فتاة شقراء مثيرة بمجموعة من الشبان, تشير لأحدهم محيية ( هاى ) , ينظرون لها فاتحين أفواههم على أخرها , و حدقة أعينهم فى أوسع حالاتها , و كان ينقصنا أن نرى اللعاب بأنفسنا .
يرد لها الشاب التحية , ثم يلتفت لأصدقائه قائلا : البنت دى شخصيتها حلوة أوى
ينظر له أصدقائه شزرا , و بطريقة كوميدية , تظهر شارة على جانب الشاشة يصاحبها صوت رجالى غليظ يقول " شخصية البنت أخر حاجة تعلق عليها , اشرب بيرل عشان تسترجل "
يظهر الرجل الذى لم تكن رجولته قد اكتملت لعزوفه عن البيرل طوال هذه المدة و هو يشربها , و يضيف نفس الصوت " اشرب بيرل و استرجل "
الاعلان الثانى ( اذاعى )
صوت نسائى رقيق لفتاة تتحدث بطريقة ذات ايحاءات " أنا اسمى بيرى و كل الناس بيحبونى , عشان أنا شكلى حلو , و مريحة , و كل اللى بيشوفونى على طول بيحبونى , و أنت كمان أول ما تشوفنى ح تعرف على طول أنك محتاجنى "
ثم يفيقنا من محاولة التعرف عن ماهية "بيرى" , صوت رجالى معلنا " بيرى العربية الشقية " .
**هذه المرة , سنعكس العملية , أحب أعرف أراءكم أولا ....
تحديث
لا شك أن أى اعلان يجب أن يعتمد على احساسنا بالنقص فى ذواتنا , و الا لن نكون فى حاجة للسلعة , مثلا , ستجد أن زوج " أم ابراهيم " على وشك أن يطلقها لأن غذاءه ينقصه مرقه (ماجى ) , ويعدل عن رأيه بعد خضوع أم ابراهيم لمتطلبات العصر, وتضطر للمرقة لأنها على المحك ما بين الطلاق و مكعب المرقة .
كذلك اعلانات الشامبو و الذى بدونه لن تجدى وظيفة الأحلام , وملابسك الباهتة و التى أقل بهاء من ملابس الجيران , فنضظر لشراء مسحوق بحبيبات خضراء و صفراء - على أساس ان هناك مسحوق بلا حبيبات - حتى لا نصبح أقل من بقية الجيران , و هكذا .
و كما قال عمى " مجدى بك " فى التعليقات أن الاعلان يجب أن يعتمد على استثارة الغرائز من خلال فتاة جميلة تقوم بتقديم الاعلان أو تكون طريقه عرض السلعة نفسها ذات ايحاءات ما و تفهم أنت من السياق مثل اعلان " العربية الشقية " .
و لكن تحفظى ليس على احساس المتلقى بالنقص , أو الاعتماد على استثارته , لأن هذا يندرج تحت بند حرية التعبير , فمن حق صاحب الاعلان أن يفعل ما يشاء طالما أنه لا يوجه اهانة لشخص أو لجماعة بعينها, فمثلا اعلان " مهند " للسيراميك , يحمل ايحاءات جنسية بين " مهند " و الموديل المصاحبة له , بل و يصورها بشكل واضح , و لكنها لم تحمل فى طياتها تسفيه أو تحقير للمرأة , و اختذالها فى جسد , و التعامل معها بجانب حسى بحت , كذلك اعلانات العطور و المكياج , يظهر فيها الارتكاز على اثارة المشاهد و لكنها لا تشير الا ان المرأة ما هى الا صورة حسية من خلال التحذير بأن أخذ شخصية المرأة فى الاعتبار يجرد الرجل من رجولته .
و لأكن صادقة , مصممو هاذين الأعلانين فى منتهى الذكاء و الحرفية , لأن اعلان بيرل على سبيل المثال ,صار مسار حديث الكثيرين فى الصحف و التليفزيون , كما أنه له جانب كوميدى , جعلنى للوهلة الأولى أضحك , ثم للثانية , أفكر بينى و بين نفسى " أنا ليه مش بشربها ؟ أخر مرة شربتها امتى ؟ أه عشان طعمها وحش , طب ده كان من مدة يمكن تعجبك دلوقتى " و بعد لحظات اكتشفت أنهم حققوا هدفهم بنسبة مائة فى المائة , و أراهن على ان مبيعاتهم ستزداد بعد هذا الاعلان , لأن الكثير من الشبان سيهتمون باثبات رجولتهم من خلال بعض الشعير.
فى فيلم " موناليزا سمايل " و الذى تدور أحداثه قى أربعينات القرن الماضى على ما أتذكر , تلعب جوليا روبرتس دور معلمة فى مدرسة ثانوية ذات أفكار تقدمية بالنسبة لمجتمعها أنذاك , و تحاول اقناع الطالبات بضرورة اكمال دراستهم و عدم التكالب على الزواج فى مراحل مبكرة و الالتحاق بالجامعة , و فى نوبة غضب تجتاحها فى الفيلم , تعرض صور لملصقات اعلانية كانت منتشرة وقتها , تصور فتاة فى شكل سيدة اما تعد الطعام أو تنظف المنزل , أو تهتم بشد قوامها , و قالت منفعلة أن هذه هى الصورة التى سينتقدها الأجيال من بعدهن , صورة المرأة التى لها أحد الجانبين اما حسى أو خدمى , و يبدو أنها بالغت فى انفعالها , لأنها لم تشاهد الاعلانات فى 2008 , و التى ليس من حقنا- كما قلت - منعها , و لكنها ترموميتر نقيس به ثقافة سائدة عبر عنها الاعلان بشكل جيد , و لا أتمنى سوى أن بعد عدة سنوات قلت أو كثرت ,يتم اعادة عرض هذه الاعلانات ليقوم غيرنا باجراء دراسات عليها , و ألا يكون أحدهم مازال يشرب شعير ليقول " أنا جدع " ,أو يشترى سيارة على أمل أن يأخذ عليها موديل هدية ( استخدمت "موديل" تأدبا ) .

الاثنين، 24 نوفمبر 2008

قيود مفرداتنا

- على فكرة , دى "بتهيس" عليكى , ما كنتش عيانة و لا حاجة , أنا شفتها امبارح فى المول , و كانت زى الجن كمان .
أو
- انبسطنا بس ؟ ده كان يوم "تهييس" من أوله لأخره , رحنا سينما و اتغدينا بره .
أو
- :انت مالك يا ابنى ؟ عمال تضحك على فاضية و المليانة , و ماشى بتطوح كمان ؟
: أصلى "مهيس" شوية
*" تهييس" أو" هياس " , كلمة نستخدمها بشكل يومى , و المتعارف عليه الثلاث معانى السابقة لها , و ان كان لكل منا استخدمات خاصة به , أى أن الأمر به قدر من الفروق الفردية .المعنى الأولى بمعنى" اختلاق شىء ما أو الكذب , الثانى بمعنى الاستمتاع , و الثالث للتعبير عن حالة السعادة المبتذلة و التى لا تمر بها سوى الشريحة العمرية التى ننتمى اليها ,و لا تعنى بالضرورة وقوعنا تحت تأثير مخدر ما , و لكنها فعلا حالة طبيعية , كما تصفها صديقة لى " دى دماغ طبيعى " .
هنا تظهر مشكلة محدودية المفردات و عموميتها .
فلماذا نستخدم كلمة واحدة للتعبير عن ثلاث حالات مختلفة ؟؟
بزيادة المستوى الثقافى و االتعليمى و الاجتماعى , تزداد قدرتنا على التعبير الدقيق عن الأشياء , و لأننا أصحاب أرقام قياسية فى نسب الأمية , و الحاصلين على التعليم الأساسى , حتى خريجى الجامعات مروا بمراحل تعليمية عبثية , كانت النتيجة أن السائد فى مفرداتنا ولغتنا هو لغة السائد أيضا , و ما نحن الا جزء من حالة التفاعل اليومى مع الأخرين .
كلامنا اليومى تتحكم فيه بضع كلمات لا نخرج عنهم فى جميع الحالات , منهم " فكس , حوار , تهييس" , من حوالى سنتين شعرت بالحرج عندما وجدت نفسى أتحدث فى حلقة دراسية أو ندوة ما مستخدمة كلمات عامة جدا للتعبير عن أمور دقيقة جدا , على سبيل المثال بدلا من أن أقول :
"البرجوازية " , أقول " الطبقة المتوسطة" .
و على الرغم من معرفتى بالكلمة الا أننى بحكم اعتيادى استخدمت الوصف الغير دقيق .
قد لا تنجح باستمرار محاولاتنا للخروج من قيود ألفاظنا اليومية , لأنك لن تستطيع على مستوى أصدقائك و معارفك , أن تقول لأحدهم مثلا :
" سبب هوسك بالتليفزيون , أنك اعتدت دور المتلقى , مش المتفاعل أو المشارك فى المنظومة الاجتماعية اللى أنت جزء منها "
طبعا توقع ألا تراه ثانيا , لأنك على الرغم من تحدثك بالعامية , قلت له : " متفاعل - متلقى - مشارك - منظومة اجتماعية " , احقاقا للحق "منظومة اجتماعية " وحدها تكفى .
ما سيحدث فعليا هو الأتى أو على الأقل هذا ما سأفعله أنا :
" تناحتنا قدام التليفزيون سببها اننا اتعودنا أنهم بيحشوا لنا المعلومات فى دماغنا , عمرنا ما بنعمل حاجة , بيزغطونا و خلاص , مبقناش عاوزين نتعب فى حاجة "
و على الرغم من اللهجة النقدية الحادة فى الطريقتين , الا أنه سيتقبل الطريقة الثانية .
الحل الذى يبدو فعالا , هو اكتسابنا الحصيلة اللغوية مع الوقت , من خلال القراءة المستمرة , و أيضا من خلال احتكاكنا ببعض المتقاربين لنا فى الاهتمامات , و بالمناسبة أنا من أكثر مشجعى استخدامنا للكلمات الدارجة , و لست ضد تعدد استخدامتها , و لكن لا أريد أن يعيقنى هذا فى كتابة طلب رسمى , أو فى تحضير ورقة بحثية , أو حتى فى الكتابة على مدونتى, و يستغرق منى الأمر ربع ساعة لأجد الكلمة المناسبة , فلو قلت لك " البوست ده مهيس يا مان " , لن أستطيع أن أكتب للالتحاق بوظيفة : " أصلى سمعت ان أنتوا بييس أوى فى المواعيد ".

الأحد، 16 نوفمبر 2008

ليه ..... و ليه؟

حقيقى قولولى
ليه بنسيب حبة عصير في اخر الكوباية لما نكون عند حد , كده احنا ولاد ناس يعنى ؟
ليه الوقت الحلو بيعدي هوا , و فى محاضرة باردة , تلاقى الساعة بتستهبل ؟
ليه أبو " ساجدة " صاحبتى مبيرضاش يطلعها رحلات و يبوظ علينا الأجازة ؟
ليه لازم البنت اول ما تتخرج يدورولها علي عريس؟
ليه في اصحاب بيلبسوا زي بعض؟ يعنى ينزلوا هما الاتنين صفر , أو هما الاتنين خضر
ليه الاجانب وشهم أحمر علي طول؟
ليه و أنا بأكل أي حاجة من برة , أقعد أقول ح يجرى لى حاجة و أنا عمالة أكل برده ؟
ليه الولاد بقم بيقلدونا اليومين دول و بيلبسوا قمصان ستان؟ احنا شكلنا أحلى فى الستان على فكرة
ليه أسعار الكوافير الحريمي أغلي من الحلاق الرجالى ؟
ليه قبل ما نخرج لازم نعمل خطط؟
ليه مينفعش نحط رجل علي رجل قدام حد كبير؟
ليه زينة مصممة تمثل و هى دمها واقف وقفة الاشارة الساعة تلاتة الظهر ؟
ليه لازم يبقي فيه فى كل عائلة قرايب رخمين بيعملوا مشاكل؟
ليه مينفعش نروح فرح بكوتشي ؟ ايه اللى قل نفعه ؟
ليه تضيع وقتك و تقرأ الكلام ده , حقيقى يعنى ما وراكش حاجة عدلة تعملها ؟؟؟؟؟؟؟
تساءلت معايا صديقتى المخنوقة برده , ساجدة

الخميس، 6 نوفمبر 2008

بعد مرور شهر فى عالم التدوين

انطباعاتى عن المدونات و عالم التدوين بشكل عام , ستختلف بلا شك عن أراءكم و انطباعتكم - التى تكونت بعد فترة من التدوين - , لانى أمثل حالة " و شهد شاهد من أهلها " , و فى نفس الوقت أمثل حالة ما قبل "ادمان التدوين" . و لذلك النقاط التالية لا أعتبرها نقد , و انما ممكن تسميتها ملاحظات :

1) على ذكر الادمان , مرة قرأت موضوع على مدونة , قررت قبل التعليق عليه مراجعة شىء معين , دخلت على نفس المدونة بعد أربع و عشرين ساعة , و وجدت أنه تم اضافة تدوينتين جديدتين . متابعة هذه المدونات صعب على , لأنها ليست بالاخبارية فيجب تحديثها مرة أو اكثر فى اليوم , و فى نفس الوقت تحتاج قدر من التفرغ نادر وجوده.

2) البعض يتعامل مع المدونين على أنهم جماعة أو حزب السياسى , مع أن الرائع فى التدوين الفردية التى لا تتحقق الا فى الجماعة , و ليست الجماعة التى يحقق بها الفرد فرديته .

3) نحن نماذج لأفراد مجتمع مختنق مهمش ,- هذا لا شك فيه - لكن هناك من يخلط بين دفتر يومياته الذى لا يشاركه فيه أحد بالرأى أو التعليق و بين المدونة مع أن هناك فارق بسيط بينهما , هذا الفارق يمنع المدون من اشعاع حالة من الاحباط و اليأس بشكل مستمر , محاولات الخروج من سوداوية عالم التدوين قليلة , بالطبع يجب أن نكون صوت أنفسنا و أصوات مجتمعنا , و لكن " الرحمة حلوة" .

4)بعض التعليقات على التدوينات محبط فعلا , هذه التعليقات التى تدخل تحت بند " تسلم ايدك " أو " ربنا ما يحرمنا من صوابعك ع الكى بورد " , لأننا لسنا بصدد طبخة , و هذا يشير الى جانب المجاملة فى التعليقات , لأن "تسلم ايدك " لا تحقق أدنى قدر من التفاعل مع المدون .

5) بمناسبة المجاملة , علينا تقبل النقد بروح رياضية أعلى , حالة التحفز و العدائية اتجاه المنتقد , جعلتنى فى أيامى الأولى من التدوين أنأى بنفسى عن القيل و القال , لما لا نقول أراءنا بصراحة مع الاحتفاظ باحترامنا لغيرنا ؟ ! , لأننا عندنا مدونات أيضا , كما نقول لمن يرمى امرأة باتهام ما " حرام عليك أنت عندك بنات برده " , المدونون يسيرون بنفس المنطق " حرام عليك أنت عندك مدونة برده " .

* الجوانب الايجابية للمدونات كثيرة , و بما أنكم مستمرون فى التدوين , فلا حاجة لى بذكرها , و لكن ممكن فى الذكرى السنوية و عليكم خير .

الخميس، 30 أكتوبر 2008

هذه هى أفكارى من الداخل

هذه هى أفكارى من الداخل .... أنا على ظهر حصان ,الحصان مربوط بحبل فى عمود نور أحيانا يكون الحبل قصير جدا فأكاد ألامس عمود النور و مع ذلك أدور حوله و فى أحيان أخرى يكون الحبل أطول و أستطيع أن أتحرك بحصانى مسافة أبعد و لكن لازلت مربوطة فى العمود ........... أمر مزعج عندما تحب الكتابة , و تجد أن أفكارك مربوطة بعمود نور و نتاج محاولاتك لا يتحرر من نفس المربع الصغير الذى تتحرك فيه أشعر أننى أملك الكثير بعيدا عن عمود النور و لكن ماهذا الكثير ؟ كيف أحدده؟ ... هل يخلق البنى أدم للقيام بشىء معين و لا يصلح لشىء سواه, و ما عليه سوى تطويره أم يمنحنا ربنا صفحة بيضاء , و نملأها بأنفسنا؟؟ هل نحن مصيرون فى أن نكون مبدعين ؟! أم نختار الابداع لأنفسنا ؟!

الجمعة، 24 أكتوبر 2008

سمعنا رأيك فى النص لما يكون بلغتك مرة

لا أفرط أبدا فى بعض الأشياء مهما بلغت تفاهتها , فأنا مغرمة بالاحتفاظ بالأشياء التى لا فائدة مادية لها , أفسر لنفسى الاحتفاظ بكارت لشخص متوفى , و ميدالية لا أستعملها , و المنشفة الخاصة بى و أنا فى ابتدائى , و غيرهم, بأننى بعد أعوام طويلة - اذا أمدنى الله بالعمر - ستساعدنى على تذكر شخصيات و مواقف معينة قد يصعب على وقتها أن أتذكرها . يعنى الميدالية التى صنعتها بالسكوبى دو , و الذى انتشر جدا و أنا فى المرحلة الاعدادية يذكرنى بالهوس الذى أصابنا جميعا بالسكوبى دو ( شرائط مرنة نشكل منها ميداليات ) , كنت تستطيع أن تجدنا مع السكوبى دو على محطة الترام , أثناء الحصة , فى طريق العودة , و اذا سألت احدانا : بتعملوا ايه ؟ , ترد فى تعالى : بنعمل سكوبى دو . كارت الشخص المتوفى و هو مدرس التاريخ فى الثانوية , احتفظ به لأن صاحبه متوفى , تخيلت أن روحه نظرت فى صندوق القمامة و وجد الكارت الخاص به , و وجدت أننى لو مكانه لحزنت جدا , و هو أيضا يذكرنى بأشياء لا حصر لها , على سبيل المثال , مرة التففت أنا و صديقاتى حول زميلة لنا تشكو من بطء نمو أظافرها , الأمر الذى أغضبها بشدة و قدمنا حلولنا المقترحة لها و ( فكينا ) من الحصة خالص , انفعل المدرس بشدة , لم أراه غاضبا بهذه الطريقة من قبل , و صب غضبه علينا كلنا , و بدأ بى كالعادة . كنت أحتفظ بقائمة مطعم لمدة عامين , و عندما أعدت ترتيب حجرتى تخلصت منها هى و أخواتها لأنه ليس من المعقول أن تفيدنى قائمة بأنواع البيتزا التى كان يقدمها مطعم من سنتين , و أن كان بك داء الجمع مثلى , اطمئن حتى الأن لم تتطور لحالة مرضية . احتفظ بمنشطات ذاكرتى هذه فى صندوق كرتون , أصفيه كل فترة حتى يحتمل ما يضاف اليه , و قالت لى صديقة مرة , لما لا أتخلص من هذا الزحام , و أستبدله بكراسة أو اثنتين أكتب فيهما ما أرغب فى الاحتفاظ به ؟! , أحترم دائما الكتابة كوسيلة للتوثيق , و لكنها تحتاج للجانب المادى أيضا. ملحوظة: لا يوجد نص مترجم عن الأخر , هما تعبير عن أفكارى و لكن كل مرة بطريقة .

و لما يكون باللغة غير لغتك

It is really hard for me to let go the odds and ends I keep , so fond of keeping useless stuff as I am , you will know what I mean . My personal towel when I was in primary school , (of course I do not use it now) , a medal which I have never used , a personal card of my history teacher when I was at secondary school , though he died . I believe that these things will help me remember certain people and incidents when I get older . For example , The medal which I have made myself using what we called " Scooby doo" ( thin plastic tubes tied together to form a figure and widely spread when I was in the middle school ) reminds me of the obsession we had about it , you could have caught us making Scooby doo at the station , during lessons , on our way back home . I keep the dead man's card for many reasons , it reminds me of my friends and I , when we used to neglect the explanation and speak about tips for nail and hair care . That made him flew into rage before he discovers that punishment did not work either . And to be more honest , I would not like people to throw away my phone numbers and address , only because I do not exist in this world . But sometimes it gets absurd, I kept stuff like a restaurant menu for two years , I got rid of it recently, as it isn't making any sense to keep things that do not resemble any thing to you. And if you have this habit of gathering , do not worry , we are not sick up till now. I keep what I call my "memory refreshners" in a large box of cartoon , once my friend told me why do not you get rid of the crowd , and write all your memories in a copybook or two , And Despite my respect to writing as a documentary way , I do not see that it will do alone without the tangible things that search for the forgettable inside your memory .

الأحد، 19 أكتوبر 2008

هل ممكن واحدة مش "ليلى" تعيش فى مجتمعنا دون أن تشعر أنها "ليلى"؟

لما سألت نفسى هذا السؤال , افترضت أننى تغلبت على جميع القيود و الموروثات الاجتماعية - بشكل شخصى و ليس جمعى - , و وضعنى هذا أمام سؤال أخر هل سيظل احساسى يوجهنى أتوماتيكيا نحو تفادى الأماكن الشعبية ؟ , و هل سأمارس هوايتى المفضلة فى تأمل وجوه الناس و لا أضطر للسير مسرعة فى خط واحد مستفيم دون أن أتجهم؟ و هل سأطيل النظر فى اتجاه معين أكثر من ثانيتين؟

الممثلة الأمريكية " جولدى هاون" قامت فى بداية حياتها بتأدية دور اعتبرته الكثير من النساء و قتها - فترة الستينيات- تشويه لصورة المرأة و معرقل لدعوة التحرر التى كانت تمضى فيها المرأة الغربية , كان على ما أذكر دور يحصرها فى الأنثى التى لا تقوم بشىء سوى الضحك بصوت مرتفع و الثرثرة لتسلية الناس .

سألوا جولدى عن رأيها فى الهجوم عليها خاصة من الناشطات فى مجالات حقوق المرأة وقتها و اتهامهن لها بأنها ضد نهوض المرأة الأمريكية و تحررها , فقالت بلامبالاة : أنا أشعر من داخلى أنى حرة , لاطالما شعرت بذلك , لذلك لا أمانع أن أقوم بدور الفتاة السطحية أو المثيرة للضحك .

لمست الصدق فى اجابتها , فهى بالفعل لا ترى أن هناك وجود لأى نوع من التمييز أوقيود على المرأة , و هذا ما ينافى الواقع وقتها .

هل من الممكن أن تتصرف فتاة تشعر بالحرية من داخلها , ولم ينجح المجتمع فى نقل لها الاحساس بالدونية , أو بوجود قيود عليها كأنثى على أنها ليست "ليلى" ؟! هل ممكن ألا تتأثر بما ينقل اليها من احساس البدونية أو بالقيود الاجتماعية المختلفة ؟ !

الثلاثاء، 14 أكتوبر 2008

بنى أدميين "مسخرة"

كانت جدتى تقول لى بفخر: " رقيت ابراهيم ابن خالتك و نام فى الأخر" , و كنت وقتها لا أفهم لماذا رقت "ابراهيم" ؟! و لماذا نام فى الأخر؟! . من كام يوم , قالت لى : تعالى م أرقيقى . - رقوة ايه بس يا نانا ! ( رقوة اللى هى "رقية" بالغة العربية , و نانا اللى هى جدتى) - ايه؟! ده قرأن , احنا بنعمل حاجة ؟ ! ( "حاجة" تشمل كل ماهو ليس من الأيات القرأنية , يعنى عروسة , عين عفريت ). استسلمت لنانا و استلقيت على الكنبة مسندة رأسى على احدى ركبتيها , و أخذت تمسح رأسى و تقرأ الفاتحة و المعوذتين ,و عندما تصل للأية التى بها (و من شر حاسد اذا حسد) تكبس بيدها على رأسى و تكررها عدة مرات , الموضوع قلب "مسخرة " لما صنعت مزيجا من السور الصغيرة التى تحفظها فهى تقول " قل أعوذ برب الصمد" ( اللى هى "قل أعوذ برب الفلق"), و عندما وجدت نفسها أنهت ما تحفظه و كررته عدة مرات , فقرأت لى تكبير العيد . نستطيع أن نضع فى لائحة اهتمامات جدتى الرقية , قد يكون ذلك بسبب حبها لشعور المنقذ أو المخلص و لاحظت أن نانا تستمتع بالرقية فتركتها تقوم بها , ولكن خالتى انضمت لها أيضا و شكلا معا فريق انقاذ , كنت مرة فى زيارة و قالت لى خالتى : تعالى يا سارة, اقعدى (ثم زفت لى النبأ العظيم) : ح أرقيقى, قلت فى سرى, " يا دى النيلة " , ( جلست على حافة السرير ) قالت :لأ على ركبتى , استلقيت كما أستلقى لنانا . العامل المشترك فى رقيتهما هو التثاؤب و تساقط الدموع , هاتان العلامتان المؤكدتان لمفعول ما تقومان به, فى هذا الوقت أنشغل أنا بالتحدث مع الأخرين , أثناء رقية خالتى , تدخلت ابنتها قائلة :" انتى حلمتى لها حلم وحش و لا ايه؟ ", لم تجب و جاءتنى بماء ورد قائلة : امسحى وشك بيه. قلت : لا يا شيخة , ليكون غلط على العين. خالتى : غلط ليه ؟! د ه ماء ورد , امسحى , امسحى . تدخلت ابنه خالتى : تخيلى أن كل ما تيجى طنط " فادية" يحصل لى مشكلة , بتحسدنى بشدة . و أكدت أمها على كلامها قائلة : " فعلا بعد ما مشيت من عندنا أخر مرة , وقع عليها مية مغلية ". مرة جاءتنا احدى القريبات من 400 كيلو سفر لزيارة جدتى , كانت كتيبة الرقية هناك , جدتى , خالتى , و صديقة خالتى . عرضت نانا المساعدة برقية خاصة, و أخذت تتثاءب و تتثاءب و أصدرت أصوات غريبة , و انتقلت العدوة الى خالتى و كذلك صديقتها , و أخذن الثلاثة فى اصدار أصوات متثاءبة مخيفة و يتمطعن . يومها قالت لى قريبتنا أنها كانت تخشى أن يستئذبن و خاصة أن القمر كان مكتمل يومها, و صارت قبل كل زيارة تقول لى " تعالى معايا , مش رايحة عندهم لوحدى".
أظرف ما فى الأمر , أنك لا تشعر بشىء لا قبل و لا بعد .

الاثنين، 6 أكتوبر 2008

قصة قصيرة

تتعثر فى خطواتها الى المكتب , البنطلون يكبر مقاسها بنمرتين على الأقل , حافته تمتد أسفل حذائها , تعوق حركتها , تحاول رفع البنطلون من عند الركبة , تنظر خجلة لأحداهما , ثم تواصل خطواتها نحو مكتبها . كان قد صمتا الزميلان عن دخولها , ثم بعد لحظات , استأنف أحدهما الحديث : هل المسألة رفض للمبدأ أم للطريقة فى حد ذاتها؟ الأخر مترددا : الطريقة ....و المبدأ أيضا , لا أعلم , فقط لا أتصور نفسى حاملا علبة شيكولاتة , ذاهبا لزيارة ناس لا أعرفهم ,و بعد ساعتين من الثرثرة , أقرر ان كنت سأتزوج ابنتهم أم لا . تتدخل هى بعد أن استقرت على كرسيها : فعلا , أنت على حق , لا أتصور نفسى متزوجة بهذه الطريقة أيضا , بالتأكيد ستجد فى من حولك الفتاة المناسبة لك , حتى و ان لم تدرك هذا الأن . لا يرد عليها و يلتفت لصديقه : غالبا سأتحايل على الموقف , و أتهرب من الذهاب معهما. بعد انتهاء مواعيد العمل , تتقدم نحو مكتبه قائلة : يجب أن تبقى معى ساعة اضافية لننهى كتابة الملفات. يجمع هو أغراضه , ملقى الجاكيت وراء ظهره ماسكا طرفه بيد , و يبحث عن محفظته باليد الأخرى , يرد و لا يشيح عينه عن مكتبه : أنا أجلس ساعة اضافية لانهاء الملفات ؟! أنا كنت سأنصرف ساعة مبكرا. : و الملفات ؟! يمضى نحو الباب مديرا ظهره لها و يقول : انجزى نصفهم , و اتركى لى النصف الأخر غدا. **********
لماذا تفعل بى هذا؟! حتى عندما يتحدث معى , وهذا نادر جدا , يكون منشغلا بأى شىء أخر , أنا لى شهرين أدعوك أن تجعله يهتم بى بمقدار ما يهتم ب "عم سيد " الساعى , لا يا رب كثير على تحمل هذا , أنا أصلى بانتظام , نعم أصلى و أحفظ القرأن , لم لا تجيبنى الى ما طلبت ؟! , كل الناس يأتى عليهم وقت و تلبى دعواتهم , أنا كنت فى ابتدائى التلميذة الغبية , و فى اعدادى المنفرة , و فى ثانوى ذات الشعر الخشن و العيون الضيقة , حتى فى الكلية لم أكون أى علاقة بأى شاب , اكرمنى هذه المرة , ليس من المعقول أن أكمل الثلاثين و أنا غير متزوجة . أتظن أنه ينقصنى الاهتمام بمظهرى؟؟ , و الله فعلا , على العموم يا رب أكيد اهتمامى بمظهرى لن يغضبك خاصة أنه بغرض الزواج فى النهاية , يا رب اجعل فى القبول يا رب. تنهض من وضع السجود , تقول الشهادة ثم تسلم. *********
: صباح الخير تتحرك بخطوات سريعة نحو مكتبها , ترمقه بنظرة خاطفة قبل أن تسحب كرسيها من المكتب. يحملق فيها الاثنان فى دهشة , و يقول لها صديقه قاطبا حاجبيه : و لما التجديد اليوم ؟! - تجديد؟ !! أنا من زمان أرتدى الجيبات , لكن ظروف العمل تجعلنى عملية أكثر . ثم تعيد النظر له مرة أخرى , و لكن تركيزه كان مع الكمبيوتر. قامت من جلستها , و أخذت تستعرض بلوزتها الوردية , و الجيب القصيرة التى تكشف عن ساقيها النحيلتين جيئة و ذهابا , و لكنها لم تظفر سوى بتلك النظرة المندهشة فى بداية اليوم. هى: أنهيت أمر الملفات؟! : بعضها , سأؤجل المتبقى للغد. هى باسمة : أنت من من يؤجلون أعمالهم اذن! بعد دقائق, يلتفت لها قائلا : امض لى معك فى الدفتر , لأنى سأخرج قبل ميعاد الانصراف بنصف ساعة. **********
لا , لا , الأمر غير محتمل , سأظل طوال عمرى أبكى فى الصلاة , غير معقول ! أنه حتى لا يتقبلنى كزميلة , أنت يا رب لم تجعل فى القبول , أنت جعلت فى النفور , لماذا ؟!! ما الذنب العظيم الذى تعاقبنى عليه باستمرار ؟! , أنا كرهت نفسى و كرهته , و كرهت توسلاتى لك الغير مجدية , غير مجدية بالمرة ............. استغفر الله , سامحنى يارب لا أقصد ما تظن , ولكنه صعب على أن أعيش مثل الصفر على شمال كل واحد , ثم أننى اشتريت ملابس جديدة , و ذهبت للكوافير فى أول مرة من سنتين , و أكلمه برقة شديدة , فيما قصرت ؟! .... أه , ممكن تكون غاضب منى بسبب موضوع الجيب القصيرة , فعلا أنا سلكت طريقة تجلب الذنوب , أنا أسفة , أنا اهتديت و الله , و عرفت الطريق السليم . اجعله من نصيبى يا رب . تنهض من وضع السجود , تمسح عينيها المبتلتين بطرف كمها تقول الشهادتين و تسلم . ************** : السلام عليكم . تقولها , و تتحرك مسرعة , منكسة رأسها , و مصوبة نظراتها للأرض , تضع ما تحمله من اوراق على حافة مكتبها , وتسحب كرسيها و تجلس غير رافعة نظرها عن الأوراق . تتملكه نوبة من الضحك الهيستيرى , و صديقه يحملق فيها فاتحا جفنيه لأقصى ما يستطيع أن يفتحهما , ثم يقول : م ... مبروك . هى : لماذا؟ ترتفع ضحكات الأخر من جديد , فيرد الصديق : الحجاب , أو الخمار تقريبا . ترمق الضاحك غاضبة : ربنا يهدى من يشاء . بعد قليل تنهض من مكانها , تتجه نحو مكتبه , و تحاول تنحيف صوتها قدر استطاعتها قائلة : فى – ان شاء الله - أمسية دينية يوم .. يكتم ضحكته و يحاول السيطرة عليها بضم شفتيه داخل فمه . - فى حاجة ؟! - لا , لا , معاك , تقولين فى أمسية دينية ... تقول متصنعة الشفقة : لا تقلق , عادة ما يهدى الله المرأة , أولا . يكون هو وقتها فى ذروة اندماجه مع (جيم) على الموبايل و يرد عليها بهدوء : فعلا , فعلا . : أتركك أنا لألعابك هذه , و أسفة لمقاطعتك . (تمشى غاضبة) . و يرد عليها على غير ما توقعت : لا, و لا يهمك . ********************
أعتقد أنك مللت و أنا أيضا مللت , واضح أن فى مرضاتك أو اغضابك نفس النتيجة بالنسبة له , و لما له ؟! نستطيع أن نقول بالنسبة لى , قلت لنفسى , هم يحبون المتدينة حتى و ان كانوا كفرة , خاصة عند اختيار الزوجة , لماذا يلحقنى الفشل فى كل شىء ؟! و لماذا لا تمنعه؟! ينقصنى العنوسة أنا فوق مشكلاتى الأساسية , ثم بعيدا عن الزواج , لماذا لا يعجب بى كفتاة ؟! و لماذا لا تمنع احباطاتى المتكررة فى كل شىء ؟! أنا يأست من نفسى , و من أن تساعدنى , أحلال فى المعاناة ؟! لا , أخبرنى , هى حلال فى ؟! اذن خلصنى منه , و من اهتمامى به أصلا طالما لا تريده حتى أن يحترمنى , خلصنى منه , و على فكرة ملحوظة صغيرة , أقل منى فى الشكل و التعليم و الأخلاق , و حظهم أحسن , تسلم و تنسى الشهادة . ******************
تدخل مكتبها حاملة بعض الأوراق , تتعثر فى البنطلون كعادتها السابقة , تضع أوراقها , و لا تجلس على الكرسى , بل تجلس فوق مكتبها و تدعى قراءة صحيفة , لم يقذفها أى منهما بنظرات التعجب هذه المرة , يبدو أنهما اعتادا التجديد . : يعنى أنا مدعو للحفل و لا الأمر عائلى ؟ : لا , طبعا , تعالى , أنا تقريبا دعوت طوب الأرض. تتدخل هى متوجسة : ما المناسبة ؟ صديقه : خطوبته الأسبوع المقبل , تصورى! , من كان يلعن زيجات الصالونات . لا تقول هى شيئا , لا تقول أى شىء على الاطلاق , ترفع رأسها لأعلى , تتكون على عينيها طبقة شفافة لامعة من الدموع , تغمض عينيها و تتساءل فى سرها : أنا نسيت أصلى الفجر , أم ماذا ؟! **********************

ليه "بنى أادميين"؟

لا جدال أن كلنا بنى أدميين , - يعنى بتمشى على اتنين و قاعد بتقرأ مدونة أهو - لكن الطابع الانسانى المميز لأفكارنا و سلوكياتنا على قدر تشابهه , فهو متناقض و مختلف جدا . فى معظم ما أكتب أميل للحديث عننا " كبنى ادميين " بشكل مجرد , و هذا سبب التسمية بالمناسبة .