الثلاثاء، 31 مارس 2009

العزف على القيثارة

" لا أستطيع العزف على قيثارتى لأننى مشغول بالدفاع عنها " مقولة عبقرية غير متأكدة من اسم قائلها - و ان كان أحد منكم يعلم فليبلغنا - تصف حال المثقف أو المبدع أو المفكر العربى فى جملة واحدة . صناع السينما , الكتاب , الباحثون , المفكرين كلهم يشعرون بمعنى أن يعبروا عن أنفسهم او عن الواقع و ليس عن ما يريد أن يراه الجمهور باحساس البودى جارد عوضا عن التحليق فى سماء الابداع . فعلى سبيل المثال , شخص مثل خالد يوسف - بغض النظر عن رأينا فيه - , عندما يخرج عمل مثل "حين ميسرة " بدل من أن يتم نقد الفيلم على مستوى البناء الفنى و جماهيرته و ايراداته و نختلف أو نتفق حول رؤية الفيلم , طريقة تنفيذه , قربه أو بعده عن سمة هامة جدا و هى سحر السينما ( الله يمسيك بالخير يا عمى ) , نوجه له تهمة " الاساءة لسمعة مصر " فيخرج خالد يوسف مدافعا عن نفسه و عن فيلمه و نفى الخيانة و العمالة عن نفسه و يتحول الأمر من معركة فنية ( بالمعنى الايجابى البناء ) لمعركة بطلتها تحولت الى امرأة نننسب اليها أو ننفى عنها سوء السمعة و انتقلت هذه المعركة الى صفحات الجرائد و فى المحاكم يخوضها صناع الفيلم ليؤكدوا أنهم لم يخترعوا شيئا من عندياتهم و أن الفيلم لم يصور الا الواقع و الذى نحن جميعا على يقين من وجوده . هل من الممكن أن نرى المشهد السابق يحدث فى دولة متحضرة ؟؟ و عندما تتحدث هالة سرحان عن فتيات الليل فى برنامجها , بدلا من ان ننتقد أنها لم تراع على سبيل المثال خصوصية هؤلاء الفتيات و لم تتكترث للتمويه عن هويتهن الشخصية و هن يتحدثن عن ممارسة الدعارة فى التليفزيون , أو نختلف حول المحاور و الزوايا التى ناقشت من خلالها الموضوع بل تتنتفض عروق رؤساء التحرير و رجال الدين و ضباط الداخلية و يتكاتلون معا مشكلين حركة الدفاع عن سمعة مصر , فرجال الدين منهم من قال : كده الشباب عرفوا أن فى حاجة اسمها عاهرات .... و ضباط الداخلية أنكروا بشدة ما ورد على لسان معظم ضيفات الحلقة بتورط بعض رجال الداخلية أنفسهم فى شبكات العارة و تسهيل عمل هؤلاء الفتيات , و أصبحت معركة هالة سرحان المفترضة ان تثبت وجود العاهرات اولا , ثم اثبات تورط الداخلية معهن ثانيا و هذا أمر يتطلب قدرات لا يتمتع بها كرومبو شخصيا . و لا اخفى كم الحسرة التى اشعر بها عندما أجد أن العالم كله يرتقى بكتابه و علامات أدبه الى سابع سما و نحن الاديب الوحيد لدينا الذى حقق عالمية حقيقية و تدرس أعماله فى ارقى جامعات العالم يكفره أساتذة اللغة العربية فى جامعتنا و مدرسينا بالمدارس , فكان يقول لى مدرس الانجليزية و أنا فى الاعدادية : "نجيب محفوظ ده شخص مش كويس .. ده علمانى " و لكنه على أيه حال كان أرحم حالا من مدرسى فى الابتدايئة الذى كان يقول : نجيب محفوظ ده ابن ..... " . و دون مبرر واضح لهذا نهاجم معتقداته و أفكاره الشخصية بدل من ان تعرف على كتاباته -" و أقول نتعرف " . و جميعنا بالتأكيد يتذكر الشاب الذى حاول اغتياله بسكين و تبين فى ما بعد أنه امى يجهل القراءة و الكتابة و لكنه " سمع " أن محفوظ يستحق القتل و اهدار دمه حلال لأن رواية أولاد حارتنا تتطاول على أنبياء و الرسل . و يترك محفوظ الأمر للأزهر لينشر الرواية وقتما يصرح علماؤه بذلك , و يصبح للأزهر أو لغيره من مؤسسات دينية بالاضافة للأجهزة الأامنية الحق فى التدخل فى الأعمال الأأدبية و الفنية و يتباحث الأازهر فاذا ما كانت أولاد حارتنا حلال أم حرام بدلا من تناول الموضوع من منظور أدبى أو دراسته و تحليله و اذا جربت أن تكتب فى محرك البحث جوجل " أولاد حارتنا " ستجد أن معظم المقالات الموجودة تنقسم ما بين المهاجم للرواية لما فيها من " تطاول " أو المدافع عنها أمام من يهاجمونها و لا تجد بسهولة أبدا رأى موضوعى فى الرواية أو دراسة أدبية حقيقية منشورة عنها , لدرجة أنى يأست من ايجاد مقال واحد يتناول العمل من منظور أدبى و ليس من منظور يتصارع أطرافه على السماء , و لذلك عندما وضعت لينك على يمنيكم للاشارة للرواية اخترته من ويكيبديا لأننى لم أجد موقعا عربيا عارضا لشىء بخصوص الرواية يستحق التنويه عنه . اذن كيف يتعايش المبدع مع هذا الوضع فى بلدنا ؟؟ يكتب رواية و يصدر معها كتيب " الشارح الوافى لكل البلاوى " يوضح فيه لغيره من المثقفين , و أنصاف المتعملين و للكثير من القارء مقاصده و نواياه مما كتب . أم عندما يقوم أحد صانعو السينما بتناول فى فيلم العشوائيات فى مصر , يتأكد بنفسه أن يوزع على المشاهدين كتالوج يشرح الفيلم مستعينا باحصائيات رسمية لسكان العشوائيات و عددهم و عدد المواطنين تحت خط الفقر حتى لا يكون مشوها لسمعة مصر ؟؟ أو يتحول المذيع من ناقل للخبر الى "كرومبو " يصور فتيات الليل أثناء مواعيد عملهن الرسمية و يقتفى أثر الجهات المتواطئة معهن ؟؟ و هذا يدفعنى للتساؤل , ما بين استدعاءات أمن الدولة , و الهجوم الاعلامى و تهييج الجماهير و اهدار الدم و التكفير , متى يتسنى للمبدع أن يعزف على قيثارته ؟؟

السبت، 21 مارس 2009

سيكو سيكو

- سارة , أنا اكتشفت حاجة فظيعة.

- ايه ؟.

- الست اللى بتقعد الرصيف فى أخر الشارع طلعت سيكو سيكو ,تصدقى ؟

- تصدق أنا كنت شاكه فى ده .

- يعنى أنا اللى مكنتش واخد بالى كل ده .

- طب و أنت اتأكدت من حاجة زى دى ازاى .

- أنا و كريم متابعين واحدة منهم من الشباك لينا ساعة .

- و انت و كريم مستنين المدرس و لا متابعنيها من الشباك ؟؟

- لأ بنتابعها من الشباك , قاعدة تحت العمارة عندنا.

- ياللللللللهوى احنا عمرنا ما كان فى الأشكال دى تحت بيتنا .

- أصل بييجى سواق تاكسى يقف لها تركبه و بعد ربع ساعة يرجعها مكانها تانى , و بعدين يجى سواق تاكسى غيره يركبها و يرجعها الرصيف تانى ركبت لحد دلوقتى مع أربع سواقين .

ألقيت نظرة من الشباك وجدتها امرأة عادية جدا , ان مشيت فى الشارع قد يناديها الكثيرون " يا حاجة " , ترتدى جلباب واسع و طرحة مطرزة , لا تضع مكياج , نسيطيع تسميتها سيكو سيكو درجة ثالثة .و اندهشت لوجودة هذه النوعية فى منطقتنا و التى من المفترض أنها تعد من الاحياء الراقية .

- يمكن نشاطها على قد السواقين بس .

- لا من شوية وقف لها ملاكى و تاكسى و بعد ما كانت ح تركب التاكسى سابته و ركبت الملاكى .

- طب معلش ايه اللى بيخليها كل ربع ساعة ترجع مكانها تانى ع الرصيف و تركب عربية غيرها ؟.

بعد قليل , و على بعد عمارتين منها جاءت امرأة أخرى و اخذت بنفس الطريقى تراقب السيارات المارة , يغلب عليها الطابع الريفى عن نظيرتها بالرصيف المجاور . وقفت أتاملها و هى تدير عيناها فى جميع الاتجاهات . دخل أخى مرة أخرى و قال : أنا و كريم نازلين نتأكد اذا كانت سيكو سيكو فعلا و لا لأ؟؟

- ايه الهبل ده ؟ و ح تتأكدوا ازاى بقى ؟؟.

- كريم ح يديها فلوس الدرس اللى كان ح يديها للمستر و لو خدتهم تبقى كده فعلا .

- طب ما أنا لو كريم ادانى فلوس الدرس ح أخدوهم . أبوك لو كريم ادالوا فلوس الدرس ح ياخدهوم .

- ما أنا قلت له كده , ح اخليه يشاور لها بيهم من بعيد .

نزل أخى و صديقه و أخذا يحومان حولها للحظات و صعدا ليبغانى بنتيجة التجربة : و لا عبرتنا .

- ما هى فى النهاية قد أمكوا فمش متوقعة أن نيتكوا زى نية سواق التاكسى .

و يبدو ان أمور الريفية تيسرت أسرع , و اختفت من الشارع بعد عشرة دقائق من ظهورها .

لم تمر خمس دقائق بعدها حتى جاءها سائق تاكسى للمرة الخامسة , تحدث معه قليلا و هى تدير رأسها يمينا و يسارا , ثم هندمت جلبابها من الأسفل و تلفتت حولها لفتة اخيرة ثم ركبت فى المقعد الخلفى وحدها و عندما انطلق السائق , لمحت مصحف كبير خلف مسند المقعد الخلفى وراءها مباشرة .

أما بخصوص فلوس الدرس , فالمدرس جاء بعد ساعتين من التأخير و كان له نصيب فيهم .

الثلاثاء، 17 مارس 2009

قطار أبو قير

قطار أبو قير (زحام – مخدرات- تحرش جنسى ) . قطار أبو قير أحد وسائل النقل الهامة بالاسكندرية لامتداده من منطقة محطة مصر حتى منطقة أبو قير , و لا يعتمد عليه الاسكندرية فقط , بل سطان الضواحى و الطلبة من المحافكظات و القرى المجاورة , و بارتفاع تذكرة القطار من 50 قرش الى 75 قرش و 100 قرش – أى الضعف – تدفقت الشكاوى على المجلس المحلى , و الذى على الرغم من عقده جلسة لمناقشة مشكلة ارتفاع التذكرة , الا أنها ليست الوحيدة , فالقطار غير منضبط فى مواعيده , و فى حالة ازدحام و تكدس مستمر مما ينتج عنه سرقات متكررة , هذا بجانب غياب عنصر الأمان فى القطارات و التى لا أبواب لها تحمى الركاب من السقوط فى حالات الازدحام و التدافع . تأخير و عدم انضباط. تقول سحر (20 ) سنة عن تأخر القطار عن موعده : تأخر مواعيد القطار أصبح شىء اعتيادى بالنسبة لى , فالعادى أن أنتظره بالنصف ساعة , و يصل أحيانا للساعتين , و هو ما يسبب لى المشكلات كثيرة كطالبة , فلقد فاتنى مرة الامتحان بسبب تأخر القطار عن الميعاد الذى يفترض أن يمر فيه , ثم بما أنهم رفعوا سعر التذكرة لما لا ينضبطوا فى تنظيم مواعيد القطارات؟؟ . الزحام و العربات المختلطة . عن تكدس العربات و عدم الفصل بين بين الرجال و السيدات , تقول جيهان ( 21 ) سنة : أسوأ شىء فى قطار أبوقير عدم الفصل بين عربات الرجال و النساء , و هذا ما يعرضنى لمواقف مهينة جدا لى كفتاة مع أننى أرتدى الخمار , و لا أعلم ما يضيرهم ان خصصوا عربتين للنساء و أخرتين للرجال ؟! ارتفاع أسعار التذاكر. يشكو الأستاذ أحمد (55 ) سنة من ارتفاع سعر التذكرة قائلا: بالنسبة للارتفاع فى سعر التذكرة , فالحكومة لها ارادة فى هذا , لا نعلمها و لكنها ارادة الحكومة , و الغلاء وصل لكل شىء , و كنت أقول أن المواصلات هى الوحيدة التى لم يرتفع ثمنها , وأضاف قائلا : و نبى لو ح تنشروا الموضوع ده قولوهم حاجة واحدة بس : العيشة صعبة أوى . و يتفق معه الأستاذ "حسنى " و زوجته مدام " تيسير " فيقولان : رفع سعر تذكرة القطار سببه علمهم بأنه من وسائل المواصلات التى لا يمكن الاستغناء عنها , خاصة لسكان الضواحى , ثم هل عادة ما ترتفع الأسعار بالضعف ؟ , و لا نمانع ارتفاع سعرها أن كان سيقابل هذا تحسين للخدمة , و لكن ظل الوضع كما هو عليه . النشل و السرقة . يؤكد راكب أخر , عم (أحمد عوض الله 60 سنة ) على تكرر حالات النشل , فيقول : أنا سرقت اكثر من ثلاث مرات, و المشكلة ليست فى حالات فى النشل أو البلطجة فقط , و لكن المحصل غير متعاون بالمرة , و لا يمنع الناس من التدافع فى حالات الزحام الشديدة خاصة فى وقت الذروة , و لو كان هناك عسكرى واحد على كل محطة لخاف هؤلاء النشالين , لكن لا يوجد أفراد أمن سوى على المحطات الرئيسية , لكن على محطات مثل الظاهرية أو غبريال , أو الرمل الميرى , لو قتل القتيل لا يجد من يغيثه . مخدرات و شذوذ . بتوجهنا الى محطة قطار الظاهرية لاحظنا غياب تام لأفراد الأمن , لا يوجد فرد أمن واحد بها كما يفترض أن يكون على محطات القطارات , و لذلك فان أكثر ما تشتهر به هذه المحطة هو انتشار أعمال البلطجة بها , فالباعة المجاورون للمحطة حكوا لنا عن أسرة مكونة من خمسة أشقاء تستولى على المحطة , و يستخدمون الحجرة التى يتم من خلالها قطع التذاكر فى بيع المخدرات , كما أن الحمام الخاص بالمحطة تم الاستيلاء عليه , و منعوا المحصل و العاملين بشباك التذاكر من استخدامه , و حولوه الى وكر لهم يتم تعاطى فيه حقن المكس , و المنتشرة على أرضية الحمام , و قال لنا أحد الباعة و الذى رفض أن ذكر اسمه أنه رأى بنفسه عملية تبادل لكيس مخدرات مقابل نقود على رصيف محطة مساء , حيث قام أحدهم بدس الكيس فى جلباب الأخر و انصرف , و أن هؤلاء الأشقاء يبيعون المخدرات للمتسولين على أرصفة المحطة الأمر الذى أدى الى حدوث الواقعة التالية : شاب فى حوالى الثلاثين من عمره , له مكان معين معتاد أن يأوى اليه ليلا فى المحطة , و ادمانه دفعه للتسول , و فى احدى اليالى , جاءه رجل ملتحى متقدم فى السن , و حاول أن يقيم علاقة مع الفتى المتسول , و الذى صرخ و استنجد بالناس , و رفض بشدة الاستجابة له , و لكن الرجل الملتحى عاود التردد على الشاب فى اليلة التالية و عرض عليه مبلغ من المال , فاستسلم له الشاب , و لقد شاهدهما الجيران فى العمارة المقابلة للمحطة و أبلغوا الشرطة , و اذا بمخبر يأتى بعد فترة طويلة , أبرح الفتى ضربا , و رفض الاعتداء على الملتحى خوفا منه , و قال للناس " أنا عارف ده يبقى مين ؟؟" و أضاف بائع أخر : من المستحيل ابلاغ الشرطة , فهؤلاء الأشقاء تم القبض عليهم العديد من المرات , و لكن ما أن يصلوا لقسم الشرطة حتى يعودون مرة أخرى حتى أن المخبرين أنفسهم يقسمون لنا أنهم سلموهم بأنفسهم للضباط المختصين , و المخبرون لا يتعاونون معنا بالمرة , انهم يحاولون باستمرار فرض اتاوات علينا مقابل ادعاء حمايتنا , و لكننا نعلم أنهم أنفسهم يخشون بلطجية المحطة . و لقد أعطانا نفس البائع ورقة نقدية قيمتها 25 قرش , ملتصق بها " حشيش " و لقد أسود لونه لاستخدامهم النار فى تسخينه , و قال البائع : لقد أخذته للتو من أحد الشباب المتعاطين فى حجرة التذاكر . تقول احدى بائعات الخضراوات كشاهد عيان : حتى الضباط اذا قاموا بحملة مفاجئة على المحطة , أراهم لا يجرؤون أن يفتشوا عن المخدرات بحجرة التذاكر , أو فى الحمام , و لكن كل ما يفعلوه هو القبض على طلبة المدارس لعدم حيازتهم للبطاقة الشخصية . و عندها تدخل أحد الركاب المعتادين ركوب القطار من نفس المحطة : أحيانا يرسلون شباب من صغار الباعة داخل عربات القطار حاملين كرتونة بها حلوى , و يتظاهرون ببيعها للركاب , و لكن قاع الصندوق يكون ممتلأ بجرع المخدرات و هم يستطيعون التعرف على زبونهم , و يبيعون له دون أن يشعر الباقون . و يستطرد : مع أول اليل , يكون البيع " على عينك يا تاجر " على مرأى و مسمع الجميع , و هؤلاء التجار يخزنون المخدرات فى مناور العمارات المجاورة , ليتم توزيعها على المحطات و فى القطارات مساء , و يضيف : على فكرة , احنا كده أرحم محطة , ده أنتوا ماشفتوش اللى بيحصل فى الغبريال أو الرمل الميرى. على الجانب الأخر و حول ارتفاع أسعار التذاكر و انحدار مستوى القطارات و الزحام , يقول المهندس سامى أحمد العجمى , رئيس الادارة المركزية لمنطقة غرب الدلتا , فى اجتماع المجلس الأعلى المحلى و هو المسئول الأول عن هيئة السكة الحديد بالاسكندرية , أن قرار الزيادة التى تمت هو قرار سيادى من ادارة الهيئة بالقاهرة , و أن هذا القرار لم يسر فقط على خط أبوقير وحده , بل هو قرار على جميع خطوط الضواحى على مستوى الجمهورية , كما برر الزيادة فى ثمن التذكرة بأن هدفها تحسين خدمة النقل و خطوط السطة الحديد , و لقد تعهدت لجنة النقل و المواصلات بالمجلس المحلى على التوصية لدى السيد اللواء المحافظ و لدى هيئة السكة الحديد و شرطة النقل , بتكثيف المرور على الخط لمنع السرقة و البلطجة , و القيام بصيانة كاملة لمحطات السوق .

الأحد، 8 مارس 2009

الحمد لله

" الناس نوعين , نوع عنده مرسيدس و نوع نفسه يبقى عنده مرسيدس " , و أضيف لجملة الفيلم الخالدة تقسيم أخر و هو " ناس نوعين : "نوع يقول الحمد لله , و نوع يحمد الله " . نقول كثيرا " الحمد لله انى وصلت فى الميعاد " " الحمد لله عرفت أمشى ع الكعب من الغير ما أقع كالعادة " و نجد الكثيرون فى لتروميات و وسائل المواصلات يتمتون بصوت مسموع : الحمد لله الحمد الحمد لله . و فى الحالتين غالبا غالبا ما تكون لا تشعر بهذا الحمد , مع أنك تظن نفسك حامدا له فعلا , أو أنك فى لحظة تأمل حقيقية لنصف الكوب الممتلىء و لكن حدث لى موقف من بضعة أيام كشف لى عن احساس جديد تماما و هو احساس " الحمد لله " الحقيقى و حتى بالنسبة لغير المؤمن فهو يستطيع أن يعتبره رضا حقيقية عن النصف الممتلىء . كان هذا عندما زرت احدى الملاجىء و على الرغم من أنه ملجأ خاص الا أننى اعتقد أن هذا كان فى صالحى , لأنه لو من أحد هذه الملاجىء المجانية لانجرفت وراء رثائى لحالة المكان و مستوى الخدمة و نظافة و ما كنت لأرى الجانب الانسانى للموضوع كنت هناك دون اى نية متعمدة لزيارة المكان فى حد ذاته , بل هى جزء من نشاط يهدف لخدمة نزلاء هذه الملاجىء بشكل غير مباشر من خلال تعاملى مع ادارة المكان فقط . اصطحبتنى الراهبة فى ارجاء الملجأ و قدمتنى لفرد فرد من ساكنيه . أول ما دخلت الاستقبال أقبلت على سيدة مسنة لا أعرفها و لا تعرفنى و سلمت على بحرارة ثم طوقتنى بذراعيها بحفاوة شديدة , لم تقل كلمة و مضت فى طريقها , قالت لى ال soeur :" دى مدام فاطمة و كانت واحدة جميلة أوى جدا فى شبابها و لغايت دلوقتى متقعدش الا و هى حاطه ميك أب و لازم طول الوقت نقولها ايه الجمال ده , و ايه الحلاوة دى يا كده لا تزعل ". و رجل أخر يجلس بحجرة عامة شبيهة بال living و تفحصنى فلما تأكد أنه لم يشاهدنى بالمكان من قبل ابتسم لى محييا . أدخلتنى الراهبة حجرة شاب "منغولى " فسحب الغطاء على وجهه و ضم قدميه لبطنه فى وضع جنينى , يجلس بجانب الشاب المنغولى رجل عجوز لديه اصابة فى قدميه , و لما استفسرت من ال soeur قالت لى : ده جاره أوضه اللى جنبه و ساعات ييجى ياخد باله منه و ييجى يأكله " . صعدت بى الى حجرة ضخمة مخصصة للمعا قين و على الرغم من اتساعها لا توجد بها الا ثلاث أسرة مشغولة , ما ان فتحت الباب حتى جرت أمامى بخطوات متلاحقة و توجهت نحو فتاة على كرسى للمقعدين و لم أميز أنها فتاة من الأساس لولا أن الراهبة أخذت تناديها بأسمها عدة مرات , هى مخلوق و لا أقصد بذلك أى اهانة و لكننى اعجز عن ايجاد وصف لها غير ذلك , و لكنها بالفعل مشوهة , أسنان غير ادمية تجعل طريقة كلامها غير مفهومة , لديها ذراع أقصر من الأخر و احداهما منحنى و طولها لا يتعدى المائة و ثلاثون سم . قدمتها لى ال soeur قائلة : دى اكتر واحدة بحبها هنا , بصى لذيذة خالص . تمتمت الفتاة بكلام غير مفهوم فردت ليها السير : حاضر ح اغير لك الأوضة , و التفتت لى : شوفى يا سارة جميلة ازاى , ثم شرحت لى الجانب الجمالى عندما أخرجت شعرها المندس تحت ملابسها و قالت : شعرها حلو أوى , أنا عاوزة شوية الشعر دول. أذهلتنى هذه السيدة التى استطاعت أن تلتقط جانب جميل فعلا فى هذه الفتاة , بالفعل سواد شعرها فاحم و له لمعان ندفع الكثير لنحصل عليه , نعومته و كثافته غير عاديين و لو كنت جالست هذه الفتاة عشر سنوات ما كنت لألاحظ و لأنشغلت بدهشتى من منظر أسنانها و حجم قدميها . و عندما أسعدنى الحظ و قابلت هذه الراهبة مرة اخرى : قالت لى فاكرة البنت اللى شعرها حلو دى , و لم تقل لى المشوهة أو المعوقة كما وصفتها أنا من بضعة أسطر . يجاورها فى السرير فتاة سليمة بدنيا لا يوجد فى جسمها تشوه يلفت النظر , بل على العكس هى على درجة من الجمال الشكلى تحسد عليها و لكنك من تعبيرات وجهها تستنتج سريعا أنها معاقة ذهنية , ابتسمت لى و تمنت لو اقتربت من سريرها و لكن الوقت لم يكن كافيا لهذا و علمت فيما بعد أن لا علاقة بالاعاقة , و أنها كانت شابة عادية تماما كأى منا , تعمل كموظفة فى بنك و فى مرة من المرات أغلق باب الأسانسير على رأسها و هى خارجة منه مندفعه مما نتج عنه اصابة حكمت عليها أن تقضى حياتها تماما كأى طفل يولد بالاعاقة , غير مدركة لأى شىء حولها . لم أصدق القصة , حتى و قبل أن أغادر من باب الملجأ أعدت السؤال مرة أخرى على الراهبة دون مناسبة لذلك : يعنى أنتى متأكده أنها كانت طبيعية خالص و كل ده من الأسانسير على راسها ؟؟ . العامل المشترك بينهم كلهم مكوثهم فى اسرتهم طوال اليوم , لم اجد من ضمن ساكنى الملجأ سوى سيدة واحدة تتجول فى الطرقات , أما الأخرين حتى و ان كان بعضهم قادر على ذلك بدنيا ال أنهم لا يتركون حجرتهم بالأيام . مفاجأة اليوم كانت ماريا و هى سيدة يونانية الأصل , حجرتها بمعزل عن المبنى الرئيسى , الغريب و الذى لا أعرف له مبرر حتى الأن هو استلقاء هذه السيدة على سريرها , نهارا , و الستائر المعتمة تماما منسدلة على الشباك لا تسمح للضوء بالدخول الا قليلا , فتحولت الحجرة للون ما بين الأاسود و الاحمر بفعل الضوء المتسرب لتلك العتمة و مع كل هذا لم تكن نائمة , بل يقظة فى كامل ملابسها , ترتدى ملابس أكثر رقة و أناقة من الجينز و البالطو اللذين كنت أرتديهما مع أنها فى الثمانينات من عمرها . فهى لديها هذه العادة , ما أن تستيقظ من نومها حتى ترتدى كامل ملابسها كما لو كانت فى انتظار زوار , حتى و ان لم تغادر حجرتها , قدمتنى لها السير باعتبارى صديقتها , فسألتها ماريا : يعنى هى مش اشتغل هنا ؟؟ . قالت :لأ . فتحرجت ماريا كثيرا و يبدو أنها لو كانت علمت من قبلها لكانت استعدت بشكل أفضل من ذلك . سألتها : تونى مش اتصل ؟؟ قالت لها : جاى كمان أسبوع . فردت ببؤس : لسه يعنى . " ماريا " ليس لدى اى أبناء و تونى هو ابن أختها يعيش باليونان و يأتى كل فترة لزيارتها . انصرفت من المكان و مارست ما أفعله عادة عندما لا اريد أن أستسلم لشعور معين وهو المشى , مشيت مسافة كبيرة و بخطوات سريعة جدا لفتت أنظار المارة حولى . منعتنى من التفكير قليلا و ما أن عدت البيت عادت للذهنى كل الأفكار التى كبتها بالمشى : ماذا لو كبرت فى السن و اضطرتنى الظروف للحياة وحدى ؟؟ و ماذا لو مرضت وقتها و احتجت لرعاية ؟؟ نفترض أنى ذهبت لهذا الملجأ , كيف لى أن أعيش بملجأ ؟؟ لست حتى من هؤلاء اللذين يجدون متعتهم فى الوحدة , لا ارتاح الا فى وجودى مع الناس , و اذا مر على اليوم دون أن أقابل أحد ما أجرى مائة مكالمة تليفونية , لا أستقر فى مكان واحد أكثر من دقيقة , أهلى يسمونى النحلة , أقضى فى الشارع نصف يومى و أكثر فى الشارع كيف لى أن أقضى اليوم كله مثل ماريا فى حجرة معتمة لا أرى أحدا بالأسابيع , بالتأكيد هى تفتقد الكثيرين, لكن لماذا تخلى الكثيرون عنها ؟؟ ماذا لو حدث لى مثل موظفة البنك , ألم تكن فتاة طبيعية مثلى ؟؟ هل توقعت يوم أن تقضى حياتها بعنبر للمعاقين بين مرضى الزهايمر و المسنين ؟؟ . ماذا لو فقدت شئ أعتز بى مثلما كانت تعتز مدام فاطمة بمظهرها ,وأخذت أتنافس مع زميلاتى من المسنات فى من منا لديها تجاعيد أقل ؟؟ ماذا لو كنت مثل هذه الفتاة المشوهة ذات الشعر الغامق لا أعلم ما اللذى يحدث خارج أسوار هذا الملجأ و أظنه العالم كله , أو كنت منغولية محكوم على أن أعيش فترة معينة ,ماذا لو كان أهلى مثل كثيرين منهم لا يزوروننى بالسنوات و لا يعنيهم ان كنت مريضة أم لا , أفرح بشدة عندما أرى وجه غير مألوف و أنام على طاولة الطعام , و أصفع الناس على وجوههم و يصير المعتاد لدى أن يخبرونى صباحا بأن زميلى بالحجرة المجاورة مات , و أشهد بعينى اللحظات الأخيرة لجارتى التى بنفس عمرى فبل أن تفارق الحياة و لا يمر بضعة أشهر دون أن أشيع جنازة أحدهم ؟؟ معقولة بعض كل الخطط و الطموحات التى لا تفارق ذهنى ينتهى بى الحال فى "علبة " كبيرة أنتظر فيها موتى . بمقدار ما شعرت من قلق و تخوف , شعرت بامتنان غير عادى , احساس نكذب ان قلنا أننا نشعر به كلما قلنا " الحمد لله " ولكن نشعر به عندما ندركه و للأسف لا ندركه كثيرا و تمنيت ساعتها أن أكون فى اقرب مسافة يستطيع أن يتقرب بها انسان الى الله حتى أقول له كم انا ممتنة و شاكرة له .

الأحد، 1 مارس 2009

زى الصابونة

أخويا قال لى امبارح " الدنيا دى زى حتة الصابونة اللى فى الحمام جوا "